مذكرات أزواج معذبون وعشاق مغفلون
تزوجت ليلي غير قيس وتسببت في جنونه!
حتى عنترة لم يسلم من عبلة !
للمرأة في سلوكها غرائب وعجائب ولها في طبائعها ألغاز وأسرار أعيت من يحاول فهمها أو ترويضها.. وشغلت المرأة الرجل من قديم الأزل. وأخبار المرأة على اختلافها من أكثر الموضوعات إثارة وتشويقاً في حياة الرجل، والمرأة أيضا.
وهذه الكلمات التي بين أيديكم، عرض لأخبار بعض النساء اللاتي كانت سبباً في نكد عيش أزواجهن، وذلك من جراء أفعال تلك الزوجات. ولا عجب فأكثر ما يكتب عن المرأة هذه الأيام لا يسهم في وضع المعالم الأساسية لهذه العلاقة التي بينها وبين الرجل، فتجد مجاملة للمرأة من الكتاب الذكور طمعاً فى الحفاظ على حقوقهم، وكل ذلك نظراً لاختلال موازين القوى في هذا العصر.
ومن قراءة لمذكرات عدد من الأزواج الذين ذاقوا كؤوس العذاب من خلال الاطلاع على بعض الأحداث الواقعية من تراثنا العربي، ستطلع عزيزي القارئ على صور من الحرب الباردة بين الرجل و المرأة ( والحرب خدعة). وستعرف أن المرأة هي المرأة مهما اختلف الزمان والمكان.
أزواج معذبون
قيل إن النساء (يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام). فالمرأة تراوغ وتفرح وتحزن وتطيع وتعصى وتنسى أحيانا في لحظة إحسان زوجها إليها الدهر كله. لهذا قال أحد الشعراء :
إن النساء كأشجار نبتن معا --- منها المرار وبعض المر مأكول
والمرأة الشر لا ينجو منها إلا سعيد الحظ. فروى أن رجلاً تزوج من امرأة قصيرة فقيل له: لم تزوجتها قصيرة ؟ فقال: إن المرأة شر وكلما قللت من الشر كان خيراً.
ومرض رجل وعنده امرأته وقد مات عنها خمسة أزواج، فقعدت عند رأسه تبكى
وتقول: على من تتركني؟ فرفع رأسه وقال: على السابع الشقي !!
المعاناة أم الفراق ؟!
أحياناً كثيرة يندم الرجل على طلاق المرأة، لكن هنا الأمر مختلف، فهذا الزوج استراح وتنفس الصعداء عندما فارق الحياة الزوجية فقال:
رحلت "أنيسة" بالطلاق --- وعتقت من رق الوثاق
بــــانت فلم يـــــألم لهـــا --- قلبي ، ولم تبــــك المآقي
ودواء مـــــا لم تشتهيه --- النفس : تعجــيل الفراق
لو لم أرح بفراقهــــــــا --- لأرحت نفسي بالإبـــــــاق
أي أنه كالأسير الذي عتق من الرق ، وأنه لم يألم لفراق زوجته ولم تجر لها مجاري دموعه، وأنه كان يتمني فراقها وإلا كان سيضطر للهروب .
وطلق رجل امرأته، فقالت: أبعد خمسين سنة ؟! فقال لها : ما لك عندنا ذنب غيره!!
المرأة والشاعر
أعيت حيل المرأة الشعراء، وتسببت ألاعيبها لهم في حدوث الآلام الجسام. وكما أن الشعراء أطلقوا عنان مشاعرهم في تنظيم قصائد الغزل والغرام والعشق والهيام فأحسنوا وأجادوا، وعلى الرغم مما كتبوه من أشعار تفيض حباً وتسيل إعجاباً، إلا أن هؤلاء الشعراء عندما يضيقون بالمرأة ذرعاً، فإنهم يجيدون أيضاً! فتجد أحدهم يقول:
لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي --- ولكن قرين السوء باق معمر
فيـــا ليتها صارت إلي القبر عاجلا --- وعذبهــــــــا فيه نكير ومنكر
وقال " علقمة الفحل " الشاعر الجاهلي :
فإن تسألوني في النساء فإنني --- بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ما له --- فليس له من ودهن نصيب
يردن ثراء المال حيث علمنه --- وشرخ الشباب عندهن عجيب
التعدد
قد يحسد البعض من لديه أكثر من امرأة، وربما يسعد البعض حقا في التعدد، إلا أن التعدد أحياناً أخري يكون سببا لبلاء الرجل ومتاعبه.. قال "الحجاج" يوما وعنده أصحابه: أما إنه لا يجتمع لرجل لذة حتى يجتمع أربع حرائر –أي لسن من الجواري– في منزله يتزوجهن، فسمع ذلك شاعر من أصحابه يقال له "الضحاك" فعمد إلى كل ما يملك فباعه وتزوج أربع نسوة، فلم توافقه واحدة منهن، فأقبل إلى "الحجاج" فقال :سمعتك –أصلحك الله– تقول: لا تجتمع لرجل لذة حتى يتزوج أربع حرائر، فعمدت إلي قليلي وكثيري فبعته وتزوجت أربعاً فلم توافقني واحدة منهن؟ أما واحدة منهن فلا تعرف الله ولا تصلى و لا تصوم ، والثانية حمقاء لا تتمالك، والثالثة مذكرة متبرجة، والرابعة مكروهة وورهاء –أي كثيرة الشحم– لا تعرف ضرها من نفعها، وقد قلت فيهن شعراً، قال : هات ما قلت له أبوك! فقال:
تزوجت أبغي قرة العين أربعــا --- فيــــا ليتني والله لــم أتزوج
ويا ليتني أعمى أصم ولم أكن --- تزوجت بل يا ليتني كنت مخدج
فواحــدة لا تعرف الله ربهــا --- ولم تدر ما التقوى ولا ما التحرج
وثـــالثـــة ما إن توارى بثوبهـــا --- مذكــرة مشهورة بالتبرج
ورابعة ورهاء في كل أمره --- مفركة هوجاء من نسل أهوج
فهن طلاق كلهن بوائن --- ثلاثــــــاً بتاتــــاً فاشهدوا ألا أُلجلج
فضحك "الحجاج" وقال: ويلك كم مهرتهن؟ فقال: أربعة آلاف أيها الأمير، فأمر له باثني عشر ألف درهم.
وهذا إعرابي قيل له: من لم يتزوج امرأتين لم يذق حلاوة العيش فتزوج امرأتين فندم على ما فعل وقال:
تزوجت اثنتين لفرط جهلي --- بما يشقي به زوج اثنتين
فقلت: أصير بينهما خروفاً --- أُنعم بين أكرم نعجتين
فصرت كنعجة تضحي وتمسي --- تداول بين أخبث ذئبتين
رضا هذى يهيج سخط هذى --- فما أعدي من إحدى السخطتين
وألقى في المعيشة كل ضر --- كذاك الضر بين الضرتين
لهذى ليلة، ولتلك أخري --- عتاب دائم في الليلتين
عنترة وعبلة
ها هو عنترة بن شداد فارس الفوارس، وبطل قبيلة عبس، ألهمته البطولة والفروسية والشجاعة روائع من القول جعلته في الصف الأول من شعراء الجاهلية، وأحد أصحاب المعلقات. أحب عبلة ابنة عمه حباً ملك عليه كل جوانحه، حتى تفجر ينبوع الشعر على لسانه، الذي اتخذه أداة للتعبير عن حبه الظامئ، حتى أنه قال في أحرج الموافق وأقسي الظروف:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل --- منى، وبيض الهند تقطر من دمى
فوددت تقبيل السيوف لأنها --- لمعت كبــــارق ثغــــرك المتبسم
أي أنه ذكر عبلة والرماح تشرب من دمه ، وبيض الهند : كناية عن السيوف .
لكن الحبيبة فيما يبدو لم ترحب بحب يحمله لها عبد أسود مشقوق الشفة ! وقابلت حبه بالصدود والجفاء ! فيقول عنترة معاتباً :
عجبت عبيلة من فتى متبذّل --- عاري الأشاجع شاحب كالمُنضُل
فتضاحكت عجباً ، وقالت قولة: --- لا خير فيك. كأنما لم تَحفل
فعجبت منها كيف زلت عينها --- عن ماجد طليق اليدين شمردل
لا تصدميني يا عبيل، وراجعى --- فيّ البصيرة نظرة المتأمل
يا عبل كم من غمرة باشرتها --- بالنفس ما كادت – لعمرك – تنجلي!
الأشاجع : عروق ظاهر الكف ، وعارى الأشاجع كناية عن نحافته، ويفسره ما بعده : شاحب كالمنضل : وهو السيف . ولم تحفل: أي لم تهتم . والشمردل: هو الصبي الجلد القوى. ولا تصدميني : أي لا تقطعي ودي . والغمر : هي الشدة.
انظروا كيف ذلته !! ولكن بالرغم من ذلك الصد وذاك الرفض إلا أن عنترة لم يصد عنها أو يحرمها مكانتها فى قلبه.
قيس وليلي
هو قيس بن الملوح مجنون بنى عامر الشاعر الذي قتله العشق ، وكان المجنون يهوى ليلي وهما حينئذ صبيان، فعلق كل واحد منهما بالآخر فلم يزالا كذلك حتى كبرا، فحجبت عنه. ويقول " أبو الفرج الأصبهاني " في الجزء الثاني من (الأغاني): لما شهر أمر المجنون وليلي، وتناشد الناس شعره فيها، خطبها وبذل لها خمسين ناقة حمراء ! وخطبها "ورد بن محمد العقيلي" . وبذل لها عشرا من الإبل وراعيها. فقال أهلها : نحن مخيروها ؟ فمن اختارت تزوجته، ودخلوا عليها فقالوا : والله لئن لم تختاري" ورداً " لنمثلن بك ! فاختارت "ورداً " !! على كره منها .
فقال المجنون :
عرضت على قلبي العزاء فقال إلي --- من الآن فايأس لا أعزك من صبر
إذا بان من تهوى وأصبح نائياً --- فلا شيء أجدى من حلولك في القبر
وبلغ العشق من مجنون بنى عامر أنه أخرجه إلي الوسواس والهيمان ، وذهاب العقل، وكثرة الهزيان، وهبوط الأودية، وصعود الجبال، والوطئ على العوسج – أي الشوك – وحرارة الرمال، وتمزيق الثياب !! واللعب بالتراب، والرمي بالأحجار، والتفرد بالصحاري، والاستيحاش من الناس، والاستئناس بالوحش. حتى كان لا يعقل عقلا ، فإذا ذكرت له "ليلي" ثاب إليه عقله، وأفاق من غشيته، وحدثهم عنها أصح الرجال عقلا، وأخلصهم ذهناً.. فإذا قطع ذكرها: رجع إلى وسواسه وهذيانه... وهذه كانت نهاية متوقعة لأحد ضحايا (الجنس الناعم).
وأخيراً.. فكل هذه الأخبار والأحداث السابقة كانت عصارة خبرات الآخرين (والحكيم من أتعظ بغيره).
منقووووول لعيون الغاليات
دمتم بود